هي تعشق المستحيل كعادتها
تدرك جيدا أنها مهما حاولت
مهما خططت
الا أنها لن تبلغ هدفها المنشود لا يأسا من حالها
بل هي تفقه جيدا لغة الأقدار
تعلم أن الواقع بعيد جدا مقارنة عما يدور في فكرها
هو يعبر عن آلامه من خلال كلمات تُكتب
لا يملك غير الحرف كي يصرخ به
هي رأت أن ملمس حرفه ونعومة احاسيسه المنمقة ما بين الأسطر كانت الخلطة السحرية التي تم طبخها ما بين عقلها وقلبها
إلى أن وجدت نفسها أنها دخلت حياته بدافع الفضول والإعجاب بكتاباته.
حتى تطورت الأحداث ليصير الحب الصامت سيد القصة التي انفردت بها هي لنفسها فقط
هو رضي بما بدر منها وسار على ذلك النحو
وقبِل بما هو الحال عليه..
بدون أن يدري كيف ومالذي يحدث أو سوف يحدث؟
هي تواصل الاستماع لهمومه
هو يجد نفسه أنه يتحدث بلا تكلف
بدون أي حسابات أو حوار مغلق بينه وبين عقله
يتخذ القرار وينغمس في التعبير
هي تزداد تعلقا شغفا وعشقا مع كل كلمة يتخاطب بها معها
تجد نفسها أنها تزداد انبهارا بشخصيته تلك
تدندن في سرها مع كل نظرة لصورته سؤالا لن تجد له اجابة..
فكيف لقلبي ألا يحبك؟
هو لا يدرك ما في جعبتها
لا هو الملام
ولاهي الملامة في شيء...
هي ظلت ترسم مشهدها الذي يتكرر معها في اليوم آلاف المرات في خيالها ذاك كلما مرت بسبابتها على يدها اليسرى
متخيلة إياه كما تريده هو
ويبقى هو على الدوام لا لوم عليه...
هي أحست أن أحدا ما يريد المرور من باب عالمها
الدخول إلى بهو قصرها المقدس
لكن العجز والحيرة قد كبلاها
فأي الإنتظارات أحق؟
أقلبا أرادها حبا وتملكا؟
أم شخصا يلزمه كم هائل من الصبر عساها أن تبلغ بر مينائه؟
هو يبقى على نفس الوتيرة من التواصل معها بشخصيته الشفافة البريئة والهادئة تلك
يجد نفسه أنه غير مسيطر على أنامله معها في الحديث
لا هو بتعلق أو ادمان أو حتى تعود بل هما شخصيتان بقلب واحد
بطيبة واحدة ببراءة واحدة
والواقع هو الفاصلة الوحيدة التي تفصل كل واحد منهما عن بعضهما البعض
هي وقفت أمام مرآتها وأخذت تبكي
تتأسى على أحزان انبنت على عاتقها بأكف يديها
مع العلم أنها تكاد تكون من المقاومات لهموم كهمومها
هو لا يريد أن يتحدث عن الحب لأن لا أحد يستحق
يصد عقله على موضوع كهذا لأن خباياه لا تطمئن سره بالمرة
هي تريد أن تجد حلا فقررت أن تندمج مع قرارها وتخضع لواجبات فرضتها على نفسها
هو لا يبحث عن الحب بل يبحث عن التي تستحق
فأين التي تستحق؟
هي سارت على ذلك النحو الممنهج في عقلها وقررت أن تلغي وجوده في حياتها شاءت ذلك أم أبت
هو لا يريد راحة بل يريد نوما عميقا يهنأ به ولو بحلم ينجح من خلاله بالظفر ولو بشيء ما حتى لو كان بسيطا
هي نجحت في محوه من جدول أعمالها اليومية لكنها فشلت بدورها على ابعاد طيفه من أمامها
هولا يبحث عن الحياة بقدر بحثه عن الذات التي تلاشت يوما بعد يوم كحبات الرمل التي ينفث فيها الهواء بنفخة واحدة
هي بالرغم أنها لم تحظى بمقابلة معه الا أنها تتذكر شقاوته بين الرسائل
طفولته
جنونه
مشاغباته الصامتة التي يصرح عنها في سكون تام
هو ليس من المطالبين بشيء
لا يريد حياة ملؤها البكاء
لا يريد أوجاعا أنسته من هو أو أين هو
لا يريد ندوبا تزداد عمقا يوما بعد يوم
لا يريد شهرة أو صخبا كبيرا
لا يسعى إلى مرضاة أحد غير ربه
لا يقدم على فعل شيء غير ورد ينثره في قلوب تمر على شرفته كي يزرعها هناك
في صدورهم
فهو ليس بباق أما وردته فبلى
هي تحس أنها الوحيدة القادرة على فهمه وترجمة سكوته نحو عناوين أساسية تكون محور الوجع كوجعه
هو يدرك جيدا أن لا أحد يكن اهتماما له
لا ينتظر أي بسمة ندية تلفه من أي عين مارة أو حتى زائر غير باق
هي تعيش حياة روتينية تحاول خلق التغيير فيها لكنها عبثا تفعل
فهي تقنع نفسها بغير الواقع الذي يحدث
هو لا يرى أن أمر وضعه مقلق لأنه دخل تحت طائلة التعود
هي تبتعد عنه بعيدا الى أن بلغت أشهرا عديدة من غياب طلة الرسائل تلك التي تفسد له خلوته
هو كان فيما مضى ينتظر لحظة بعثرة أوراق جلسته المنفردة مع ذاته كي يهنأ بحياة ليست كأي حياة
هي تقرر الترويح عن نفسها فتخرج من باب عالمها المظلم كي تتنعم بشمس صباحها مع أنغام فيروزية المسمع
وتتخذ المقهى وجهتها
هو يرى الحياة بلا لون كرئتان ينقصهما الشهيق والزفير
يضحك وفي الضحك نبضته الأخيرة في الحياة الزائفة
فلقد اجتمع الزيف في الحياة والضحك ليولدا له اذعانا غير مطابق للمواصفات المطلوبة تحت الأمر المفروض حدوثه
يستوقفه سؤال في كل يوم
في كل ساعة وكل شهر وكل سنة
أحزنك قد مات أم ماذا؟
أضحكتك تلك التي تتجرعها الآن أكافية هي لتشفيك
لتنزع عنك ما أنت أعلم به من أي أحد؟
لهذا لا يسعه هو الا أن يعبر عن التعب
عن الملل
على دور يمارسه بكل اتقان
وكل المارون لا يدركون
هي تدخل مقهاها لتجلس مع صديقتها السمراء
فتجده جالسا هو أمامها قابعا مع كتاب
مع من يعشقه حد النخاع
"درويش"
مع قرطاسه
قلمه
معزوفته الأقربُ لنبض قلبه
عالم يصنعه هو كعادته كي ينفرد بنفسه مع نفسه
هي تيبست أقدامها أمام لوحة فنية مجسدة به هو فقط
هو وضع كتابه جانبا وأخذ يكتب
هي احتارت.
أتقترب أم تختار مكانا تكون قبالته
بحيث يسهل الإمعان فيه هو
كيف يترشف قهوته
يأخذ شهيقه ليترك بعد ذلك زفرة كلها هدوء كطباعه الساكنة تلك
هو وجد في حياته كلمات تقال له على وجه البسيطة
ليفهم من خلالها في أي زاوية هو يتربع في قلوب كقلوب أولئك الذين لم ولن يكونوا في حياته أبدا
هي تبقى وفية بالنظر
تشم عبق ريح لحظتها وتحس بالخيانة
هو ترك الحياة لمن يهواها فوجد أن الرماد قد انغرس فيه بلا انفصال مسبق
هي رأت أن من أحبها لا ذنب له فيما هي تتخبط فيه
هو يُمدح اليوم وكل يوم
ليجد في الغد
أنه قد تم فصله
هي تشيح بنظراتها إلى نافذة تطل على شارع قد امتلئ بالباعة المتجولين
هو يرى أن النوم ينقضي مع كل صباح تبزغ فيه الشمس
ليبقى هو هناك في مكانه
في العتمة بلا نور
لا يباشر يومه الا بالهدوء والسكينة
والألم وفي له، متكفل بذلك
هي ترى تلك الوردة الموضوعة قبالتها وتتأمل في تفاصيلها
تسمع لهمساتها الساكنة في صدرها
قلب يتخبط في شجون تام
جنون تشيده هي ولا تدري إلى أين المآل
هو يدرك جيدا أنه ليس بذاك الجمال المطلوب على قلوب معظم البشر بالرغم أن المضغة لا تبحث عن ذلك
هي وفية لوهم اعتقدت أنه حقيقة
متعلقة هي به
لا تستطيع فعل شيء
لا تقدم عليه ولا تهرب
تبقي نفسها بعيدة والقلب يأبى ذلك
لا تريد أن تدمنه لكن أناملها
عقلها
جسدها ككل
يفسر عكس ذلك
هو يرى أنه لمن الغباء أن يعيش كملاك بين قوم لا يمكن أن تجد في أعينهم أي خير
هي تقرر المغادرة
اكتفت من جرعتها التي عزفت عنها لعدة أشهر
هو يناديها باسمها
يباغتها بحركته هذه
ويقف لها
بنظرته الثاقبة
صعب أن ترتاح
صعب أن تنسى
صعب أن تنام
صعب أن تحيا بلا حياة
سهل أن تموت والقلب ينبض