6/20/2018

هي فقط حياة

هي حياة يا سيدي

هكذا هي كل الأيام
نكتبها سطورا وننثرها أوراقا دون موعد ولا ميقات
قصور هي، تداعت حصونها إلى الأبد، تسافر لها الروح كلما حنّت لذلك الماضي، لتلك اللحظات الثمينة التي استنشقنا فيها ذرة الأمل، حيث ولدت الحياة، وتشابكت الأيدي وبنيت الجسور التي عبرناها، وبين السطور اندثرت مبانيها،
عطر يخضب أمسياتي، ويزعزع أركان الوجدان الذي يحويك،
هي حياة يا سيدي، وما أجمل أن ننصهر تحت زخات المطر، ونختبئ سويا تحت وريقات خضراء تغمرها الحياة، فحتى العاصفة المارة بالجوار لا تطأ أشواقي المنبسطة، في سبيل أن نلتقيَ من جديد، ونشيّد معبدَ التوحيد والأبدية،

6/19/2018



لغة الحُبِّ





قالت له يوماً: حدِّثْني عن لغة الحب
فقال: إنَّ لغةَ

الحُبِّ في أقسامها وأنواعها تشبه لغةَ الكلام، فالكلمة: اسمٌ وفعلٌ وحرف، والحبُّ عينٌ وشَفَةٌ ولمس!

تجد معنى ثبات الاسم والتشخيص في ثبوت العين وشخوصِها عندما تقع على عين الحبيب!

ترى تجدد الفعل وحدوثه في تجدد حركة الشفة وحدوثها عند رؤية الحبيب، تراها ابتسامةً مرسومةً، أو ضحكةً مسموعةً، أو سعادةً محسوسةً!!!



كما أنَّ الحرفَ يربطُ بين الكلمات، ويدل على معانٍ كلية؛ كالنفي والشرط والاستفهام، فاللمس يعقدُ علاقةً بين اثنين، ويدل على معاني الحب...

وهكذا، تزيد في التراكيب والأساليب والمعاني من أقسام الحب الثلاثة كفعلك في أساليب وتراكيب الكلام.



فالعينُ قد تتوسع في معانيها حتى تصلَ إلى نظرات الشوق أو الحزن أو الدَّلال، إلى غير ذلك من معاني العين التي لا يقرأها إلا عاشق...

والشفة تتعدد أساليبُها إلى انبساط، وانقباض، وانضمام!
أما انبساطها فابتسامُكِ، وأما انقباضها فبؤسكِ وعُبُوسكِ، لكنَّ انضمامَهآآ...آه آه من انضمامِها. 
لا أدري لماذا أجد في انضمامها ضِرامي واضطرابي؟!


عند انضمام شفتيكِ تسترخي أعصابي، وتنبسط عضلات جسدي. في انضمامها فتورُ جسمي، وخمولُ عقلي، لكن فيها نشاط قلبي وحياته...

تسري كهرباء الحب من موضع ضمتها حتى تستقر في قلبي، فتُوَلِّد هذه المعاني، وهذه العواطف، وهذه والأحاسيس!

أتدرين ما كل هذا؟! 
إنها نشوةُ الخمر ولذتها التي سرقتُها من حِرْزِ شفتَيك! تُرى، هل عليَّ في ذلك حد؟!

الآن أحدثُكِ عن تراكيب اللمس، هناك تركيبٌ من تشابك الأيدي والأصابع، وتركيبٌ آخر من تعانق الأذرع غايتُه عناق القلوب!!!

إنَّ بلاغةَ العناق تكمن في تعبيره عن الأشواق بلفظ مختصرٍ مفيدٍ!

يا معنىً نسوي سماوي حار في إدراكِه لفظي الرجولي الأرضي! هلا تكرَّمتَ بالهبوط من سماء الخيال إلى أرض الحقيقة، حتى يوافق اللفظُ معناه، ويطابق الكلام مقتضى الحال؛ فتنشأ منه بلاغةُ الحب؟!

مدادُ الكلام أسود، ومدادُ الحب أحمر...
لغة الكلام يقفُ أمامها حاجزُ اختلاف الأقطار والبلدان، أما لغةُ الحب فلا حواجزَ أمامها؛ لأنها لغةُ الحب، لغةُ الإنسانية، لغةُ الوجود؛ لأنها من عين وشفة ولمس، لا من اسم وفعل وحرف!

قد عدتُ إليكِ من جديد

…والآن ، هاقد عدتُ إليكِ من جديد
لقد مضت الثّورة لتُلقي جنينها في نهر الحياة الملوّث بالفقر و الأوجاع
و عدت أدراجي أحمل سلاحي المكسور و أجرّ حصاني الجريح و على ظهرهِ رميت أكياس الخيبة و الخذلان
...
آآآه يا ملاكي لو تعلمين رعب أن يموت الفقير في ملابس رثّة و دون أن يعرف طعم الحبّ أو طعم العناق .. و دون أن يشبع يوما من الطعام و يركض في البراري سعيدا كالأولاد

..

و الآن … أعبر الجبال الشامخات منهكا و حزينا .. لأعود إليكِ
سأحدّثك في ليالينا القادمة و نحن متكوّمين كقطّين بريئين بجانب موقد النّار عن المعارك الخاسرة الّتي خضتها من أجل تحرير الإنسان من الشرور و الأوهام .. سأخبركِ عن الرصاص الّذي لا يرحم ، عن الرّضيع الّذي تكلّم قهرا 
..

عن المشرّدين الذين عرفتهم ، عن الحيارى الذين قابلتهم ، عن الجياع للحنان و العطشاوات للحبّ و الرعاية .. 
فقد أدركت بعد كل تلك المعارك و الخسائر أنّ البشر لا يتقاتلون من أجل الغذاء و الثروات و الأديان كما كنت أتصوّر .. إنّما هم يا حبيبتي يستَجْدُون الحنان بالرصاص و الحبّ بالمفخّخات و الكرامة بالقنابل و التفجيرات
لو أحبّوا و تمتّعوا بحبّ الآخرين لهم
لو فهموا الحبّ .. لو أوغلوا في شعابه و تنسّموا نسائمه
لو عرفوه حقّا .. لو تعلّموه منذ نعومة الأظافر لما آمتدّت أيديهم يوما للسلاح
صرت يا حبيبتي متشردا في عرض هذه البلاد ، أحمل حزني و أمضي نحو الغاب و نحو التلال
هربت من الليل و عتمته
...
هربت من النور و نشوته و جبت الشوارع و المدن و وقفت عند عازف الكمنجة
عازف يرتل حزنه بلحن سرمدي و الناس حوله ينشدون و يصفقون و لا يلمحون الدمع بعينيه و لا يلمحون البؤس المخيم فوق تفاصيله 
.بين تراتيل اللحن عادت ذاكرتي تمشي أحيانا و تركض أحيانا و تسقط مرات و مرات كالحزن القادم من ثنايا الحنين
..

فآفتحي ذراعاك على بعد آلاف الأميال فإنّي سأراهما من هنا فأنزع المسافات و الآفاق و أدخل في روحكِ لأعيش فيكِ ما تبقّى من العمر
آفتحي ذراعاك .. و آنتظريني في السهول و الحقول .. فسأغادر المرتفعات و التلال .. و أعتزل الحروب و 
القتال .. لأتسلّل إليك و فيكِ .. كالرّضيع .. كالحلم .. كالقصيد .. و لن أغادركِ للأبد 


La dernière post

منين جات آلو 'Aloo' 9 إجدشي عليك